أخلاقيات التظاهرات من منظور اجتماعي سياسي
بقلم الدكتور عبد الودود نفيس
تُعدّ أخلاقيات التظاهرات من منظور اجتماعي سياسي دراسة حول كيفية النظر إلى الاحتجاجات وتنفيذها بشكل أخلاقي في سياق العلاقة بين المجتمع والسلطة السياسية. وفي هذا الإطار، لا تقتصر الأخلاقيات على سلوك الأفراد أو الجماعات أثناء التظاهرات، بل تشمل أيضاً المسؤولية الأخلاقية للدولة، وأجهزة الأمن، والفاعلين السياسيين الآخرين.
فيما يلي توضيح من المنظورين الاجتماعي والسياسي:
أولاً: المنظور الاجتماعي
ترتبط أخلاقيات التظاهر من المنظور الاجتماعي بالقيم والمعايير والمصالح العامة للمجتمع:
١. حق التعبير عن الرأي: يُعدّ التظاهر جزءاً من حرية التعبير المكفولة في الدولة الديمقراطية. ومن الناحية الأخلاقية، يحقّ للمجتمع التعبير عن تطلعاته بشكل سلمي.
٢. المسؤولية الاجتماعية للمتظاهرين: يجب أن تأخذ التظاهرات الأخلاقية في الاعتبار مصالح الجمهور العام، مثل عدم التسبب في تعطيل الخدمات العامة بشكل مفرط، وعدم تخريب الممتلكات العامة، وعدم نشر الكراهية.
٣. التضامن والتمثيل: تتطلب الأخلاقيات الاجتماعية أن لا تمثّل التظاهرات مصالح مجموعة معينة بشكل أناني، بل أن تدافع عن قضايا عادلة وذات صلة اجتماعية.
ثانياً: المنظور السياسي
في هذا السياق، تتعلق أخلاقيات التظاهرات بالعلاقة بين المواطنين والسلطة، وبالديناميكيات الديمقراطية:
١. الشرعية السياسية للشعب: في النظام الديمقراطي، تُعدّ التظاهرات وسيلة للرقابة وتصحيح مسار السلطة. ومن الناحية الأخلاقية، لا ينبغي للدولة أن تعتبر التظاهر تهديداً، بل جزءاً مشروعاً من العملية السياسية.
٢. دور الدولة والأجهزة الأمنية: تتحمّل الدولة مسؤولية الحفاظ على الأمن، ولكن من غير الأخلاقي استخدام العنف المفرط. فالقمع ضد التظاهرات السلمية يُعدّ انتهاكاً للأخلاقيات السياسية.
٣. التلاعب السياسي: من غير الأخلاقي أن تُحرّك التظاهرات بدوافع مصالح النخبة السياسية التي تُخفي أجنداتها الشخصية تحت غطاء قضايا عامة (تعبئة الجماهير دون وعي سياسي واضح).
ثالثاً: المبادئ الأخلاقية في التظاهرات
تشمل المبادئ الأخلاقية الأساسية في التظاهرات ما يلي:
١. السلمية: يجب أن تُنفَّذ التظاهرات بشكل سلمي وغير استفزازي.
٢. الشفافية في الأهداف: يجب أن تكون المطالب واضحة، صادقة، وغير مضللة.
٣. المسؤولية: يجب أن يتحمل المشاركون مسؤولية نتائج أفعالهم.
٤. المساواة: عدم التمييز ضد أي طرف أثناء التعبير عن المطالب.
الخلاصة
تتطلب أخلاقيات التظاهرات من منظور اجتماعي سياسي توازناً بين الحق في التظاهر، والمسؤولية الاجتماعية، والسلوك الأخلاقي من الدولة وأجهزتها. ويجب أن تَقوم التظاهرات الأخلاقية على قيم العدالة، والسلام، والمشاركة الواعية، والنضج السياسي.
المراجع
١. يورغن هابرماس، تحول البنية في المجال العام: بحث في فئة من المجتمع البرجوازي، مطبعة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، 1989.
٢. جون رولز، الليبرالية السياسية، مطبعة جامعة كولومبيا، نيويورك، 1993.
٣. حنه آرنت، عن الثورة، نيويورك: كتب بنغوين، 2006.
٤. سايمون كوتل، “وسائل الإعلام والانتفاضات العربية لعام 2011: ملاحظات بحثية”، الصحافة، المجلد 12، العدد 5، 2011، الصفحات 647–659.
٥. وحيد هيرلمبانغ، عنف الثقافة بعد النظام الجديد، يوجياكرتا: مرجن كيري، 2013.
٦. محفوظ إم دي، السياسة القانونية في إندونيسيا، جاكرتا: راجاوالي برس، 2009.
٧. دستور جمهورية إندونيسيا لعام 1945.
٨. القانون رقم 9 لسنة 1998 بشأن حرية التعبير في الأماكن العامة.
٩. اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان (Komnas HAM)، دليل حقوق الإنسان للتظاهرات السلمية، جاكرتا، 2020.
١٠. هاريتموكو، الأخلاقيات السياسية والسلطة، جاكرتا: غراميديا بوستاكا أوتاما، 2016.