إعادة إحياء عادة قراءة الكتب لدى الطلاب في عصر الذكاء الاصطناعي
بقلم الدكتور عبد الودود. نفيس
في ظل الثورة الرقمية المتسارعة التي تهز عالم التعليم، نجد أنفسنا عند مفترق طرق بين تطور التكنولوجيا وقوة التقاليد. عصر الذكاء الاصطناعي (AI) الذي وصل بسرعة كبيرة، يجلب معه موجة غير مسبوقة من المعلومات. ومع تزايد عدد المنصات والتطبيقات والأجهزة الذكية التي تقدم كل ما نحتاجه بنقرة واحدة، هل نكون قد نسينا الجذور العميقة للتعلم؟ هل قمنا بالتخلي عن عادة قراءة الكتب التي كانت أساسًا رئيسيًا للذكاء البشري منذ العصور القديمة؟
الحياة الأكاديمية للطلاب أصبحت الآن مكشوفة لعدة سهولة في الوصول إلى المعلومات، لكن هل يحل ذلك محل جوهر الفهم العميق؟ الكتب، التي كانت دائمًا مصدرًا لا يقدر بثمن للمعرفة، أصبحت تتراجع أمام سهولة الوصول الرقمي الذي يوفر كل شيء بسرعة. فما هو موقف الكتاب في هذا العصر السريع؟ هل لا يزال ذا صلة أم أصبح شيئًا يتم التخلي عنه تدريجيا؟
لنأخذ لحظة للتفكير. في وسط تدفق التكنولوجيا، أصبحت عادة قراءة الكتب ليست مجرد نشاط للقراءة، بل رحلة للتعمق، لاكتشاف الذات، وبناء قدرة فكرية قوية. وهذه هي التحدي الذي نواجهه جميعًا — خاصة بالنسبة للأجيال الشابة التي تحمل المستقبل — لنكون ليس فقط مستهلكين للمعلومات، بل أيضًا مبدعين ومعالجين لها بالحكمة التي تأتي من الفهم العميق. هنا، نحتاج إلى مزيج من التكنولوجيا المتقدمة وعادة قراءة الكتب لإنتاج تفكير أكثر حدة وانتقاديًا وابتكاريًا.
في عصر الذكاء الاصطناعي الذي ينمو بسرعة، تواجه عادة قراءة الكتب بين الطلاب تحديًا كبيرًا. لقد غيرت الوفرة الكبيرة للمعلومات المتاحة من خلال المنصات الرقمية المختلفة والتطبيقات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي الطريقة التي نصل بها إلى المعرفة. فبمجرد بضع نقرات، يمكن للطلاب الحصول على مراجع ومقالات وحتى مقاطع فيديو تقدم معلومات بسرعة وسهولة. ومع ذلك، تميل هذه العادة إلى استهلاك معلومات سطحية ومجزأة، والتي غالبًا ما لا تعطي نفس العمق الذي يمكن الحصول عليه من خلال قراءة الكتب بشكل كامل.
الكتب، كمصدر رئيسي للعلم المنظم والعميق، تقدم تجربة تعلم أكثر شمولية. فعند قراءة الكتب، لا يقتصر الأمر على الحصول على حقائق أو معلومات قصيرة، بل ينخرط الطلاب في عملية تفكير أعمق. تتيح الكتب للقارئ أن يتأمل، ويحلل، ويفهم مفهومًا أو فكرة بشكل أكثر شمولاً. وهذا هو الجانب الذي غالبًا ما يختفي في استهلاك المعلومات السريعة الرقمية، التي لا توفر دائمًا الفرصة للطلاب لاستكشاف المعنى بشكل أوسع.
من ناحية أخرى، يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي أداة مفيدة للغاية لتعزيز تجربة القراءة. فبفضل قدرة الذكاء الاصطناعي على تصفية وتقديم المعلومات المتعلقة بموضوع معين، يمكن للطلاب العثور على مراجع أكثر صلة وعميقة من مصادر متنوعة بشكل أسهل. ويجب ألا يُنظر إلى هذه التكنولوجيا كبديل للكتب، بل كمكمل لها. يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي للوصول إلى المقالات العلمية والمجلات أو المواد الأخرى التي يمكن أن تثري فهم الطلاب، ولكن لا يزال للكتب دور مهم في تقديم فهم شامل.
للمعلمين والمربين دور أساسي في إعادة إحياء عادة القراءة بين الطلاب. إحدى الطرق هي دمج الكتب كمادة قراءة أساسية في كل مادة دراسية، بدلاً من الاعتماد فقط على المواد الرقمية أو المقالات التي يسهل الوصول إليها. يمكن أن تكون المناقشات المبنية على الكتب وسيلة فعالة للتعمق في المواضيع المدروسة، مما يمنح الطلاب الفرصة ليس فقط لفهم النظرية، ولكن أيضًا للنقد والتقييم بعمق. علاوة على ذلك، يجب على مكتبات الجامعات أن تواصل الابتكار من خلال توفير مجموعات من الكتب بصيغ رقمية حتى يتمكن الطلاب من الوصول إليها بسهولة، دون تقليص الرغبة في قراءة الكتب التقليدية.
يجب أيضًا تحفيز الطلاب على إدراك أهمية قراءة الكتب في صقل مهارات التفكير النقدي والتحليلي. فالكتب ليست مجرد مصدر للمعلومات، بل هي أداة لتدريب التفكير المنطقي والمنظم. في وسط تدفق المعلومات السريعة، توفر قراءة الكتب الفرصة لفهم المفاهيم الأعمق ورؤية مختلف وجهات النظر التي قد لا تظهر في المعلومات الأكثر اختصارًا وحدودًا.
يجب ألا يجعلنا وجود الذكاء الاصطناعي ننسى جوهر قراءة الكتب. على العكس من ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون داعمًا في عملية التعلم الأوسع والأعمق، ويثري تجربة القراءة من خلال المعلومات الأسرع والأكثر صلة. من خلال دمج هذه التكنولوجيا المتقدمة مع عادة قراءة الكتب بعمق، سيكون الطلاب قادرين على الاستفادة من الموارد المتاحة لخلق فهم أفضل، وليس مجرد الحصول على معلومات. في هذا السياق، يجب أن تعمل التكنولوجيا والكتب جنبًا إلى جنب، مما يخلق نظامًا بيئيًا متوازنًا وفعالًا للتعلم.
وسط زخم التكنولوجيا التي تتطور بسرعة، دعونا نحافظ على إرث عادة قراءة الكتب كطريق لاكتشاف المعرفة العميقة وبناء مستقبل مليء بالفهم. تظل الكتب ركيزة لا يمكن الاستغناء عنها في رحلتنا الفكرية، حتى وإن استمر العالم في التقدم بسرعة مع التطورات الرقمية.
المراجع
١. عبدو، محمد. رسالة حول الاقتصاد الإسلامي. جاكرتا: مكتبة الإسلام، 2010.
٢. القرضاوي، يوسف. فقه الاقتصاد الإسلامي. جاكرتا: مؤسسة الدراسات والتعليم الإسلامي، 2009.
٣. رضا، رشيد. الإسلام والمجتمع. القاهرة: دار العلم، 1996.
٤. رحمن، فضل. الفكر الإسلامي: مقدمة. شيكاغو: جامعة شيكاغو، 1982.
٤. الزرقا، مصطفى. الفقه الإسلامي وأصوله. بيروت: دار الفكر، 1997.
. مستاقيم، أحمد. مقدمة في نظرية الاقتصاد. يوجياكرتا: UGM Press، 2015.٥