Update

البحث عن معنى الحب لدى الطلاب


بقلم: الدكتور عبد الودود نفيس

في عصر العولمة المتسارع، لم يعد يُطلب من الطلاب التفوق الأكاديمي فحسب، بل أن يفهموا أيضًا الديناميكيات الاجتماعية المتزايدة تعقيدًا. ومن الظواهر التي غالبًا ما تكون محط الأنظار هي ظاهرة العلاقات العاطفية. يرى بعض الناس أن العلاقات العاطفية هي خطوة أولى نحو الزواج، بينما يعتبرها آخرون مصدرًا للمشكلات التي تستنزف الانتباه والطاقة.

من ناحية، قد تكون العلاقات العاطفية وسيلة لتنمية المهارات الاجتماعية، وبناء الثقة بالنفس، وتوسيع دائرة العلاقات. ولكن من ناحية أخرى، قد يكون لهذه العلاقة آثار سلبية، خاصة إذا لم يتم إدارتها بحكمة. فقد يؤدي الانغماس في حب مفرط إلى تحويل التركيز بعيدًا عن المسؤوليات الأكاديمية، كما قد يتسبب في ضغوط عاطفية ضارة. وفي نظر الإسلام، فإن العلاقات العاطفية هي شكل من أشكال الأفعال التي تقرب من الزنا، وهذا الأمر ممنوع من قبل الله في القرآن الكريم.

في هذا السياق، دعونا نتأمل معًا: إلى أي مدى تؤثر العلاقات العاطفية سلبًا أو إيجابًا على تطورنا الذاتي والأكاديمي؟ هل نحن مستعدون حقًا للدخول في علاقة صحية وبناءة؟ أم أننا فقط نتابع التيار دون فهم العواقب المحتملة؟

حان الوقت لنفتح أعيننا ونقيّم نظرتنا تجاه العلاقات العاطفية. دعونا نناقش بشكل عميق القيم والأخلاقيات والتأثيرات النفسية المصاحبة لهذه الظاهرة. هل ينبغي أن تكون العلاقات العاطفية جزءًا من مسيرتنا كطلاب، أم ينبغي علينا إعادة التفكير في هذا الخيار من أجل مستقبل أفضل؟

أ. تعريف العلاقات العاطفية

العلاقات العاطفية هي شكل من أشكال العلاقة الرومانسية بين شخصين، تتضمن التقارب العاطفي والتفاعل الاجتماعي من أجل التعرف على بعضهما البعض بشكل أعمق. وفي السياق الحديث، تشمل العلاقات العاطفية عادة أنشطة التواصل واللقاء وتبادل التجارب بهدف بناء ارتباط عاطفي واختبار مدى التوافق قبل الدخول في علاقة أكثر جدية كالزواج.

ومع ذلك، فإن نظرة الناس إلى العلاقات العاطفية وممارساتها قد تختلف حسب الثقافة والدين والمعايير الاجتماعية. ففي بعض المجتمعات أو الأديان، تُقيد العلاقات العاطفية أو تُمنع، وتُشجّع العلاقات التي تسبق الزواج على أن تظل ضمن حدود معينة لتتوافق مع القيم الأخلاقية أو المعايير السائدة.

ب. يمكن تحليل ظاهرة العلاقات العاطفية بين الطلاب من عدة وجهات نظر:

١. المنظور الإسلامي

في الإسلام، يُنظم العلاقة بين الرجل والمرأة من غير المحارم للحفاظ على الطهارة والأخلاق. ويُعتبر أن العلاقات العاطفية التي تتضمن نشاطات جسدية أو عاطفية تتجاوز الحدود الشرعية هي علاقات غير أخلاقية وتُعد معصية. يُعلمنا الإسلام طرقًا أكثر شرعية لبناء العلاقات، مثل التعارف الشرعي والزواج. وينبغي النظر في ممارسات العلاقات العاطفية بين الطلاب، هل هي تلتزم بالحدود الشرعية وتتجنب الأفعال التي تقرب من الزنا؟ إذا كانت العلاقات العاطفية تتجاوز الحدود الشرعية أو تتضمن أعمالاً تقرب من الزنا، فإنها تصبح محرمة، لأن الله يؤكد أن جميع الأفعال التي تدفع نحو الزنا أو تقرب منه هي محرمة.

٢ . المنظور الأخلاقي

من المنظور الأخلاقي، قد تُسبب العلاقات العاطفية بين الطلاب معضلة أخلاقية. فالطلاب، كأفراد يتطورون ويتعلمون فهم القيم المجتمعية، غالبًا ما يُطلب منهم التحلي بالنزاهة والمسؤولية. وينبغي للطلاب الالتزام بأخلاق التعامل بين الجنسين التي ينظمها الدين أو الأعراف الاجتماعية أو الأخلاقيات الأكاديمية. وتؤكد المجتمعات الإسلامية المتدينة على الحفاظ على نقاء العلاقات بين الرجل والمرأة، مما يجعلها تعتبر أن العلاقات العاطفية هي أفعال غير أخلاقية، خاصة إذا تضمنت أفعالاً تتجاوز حدود الشريعة الإسلامية.

ولكن هناك مجتمعات تعتبر العلاقات العاطفية شيئًا طبيعيًا، لأنها تمثل شكلاً من أشكال التفاعل الاجتماعي في إطار الاستعداد للزواج، طالما لم تتجاوز حدود القيم الاجتماعية التي يتبناها المجتمع.

٣. منظور علم النفس التربوي

من ناحية علم النفس التربوي، يمكن أن يكون للعلاقات العاطفية تأثيرات إيجابية أو سلبية. فمن جهة، يمكن لوجود شريك داعم أن يزيد من الدافع للتعلم. ولكن من جهة أخرى، هناك احتمال التأثير السلبي، مثل انخفاض التركيز وزيادة القلق أو التوتر بسبب مشاكل العلاقة. إذا كانت العلاقة تعطل التركيز والإنتاجية الأكاديمية، فقد تؤثر على التحصيل الدراسي وتطور الشخص.

٤. المنظور الاجتماعي

اجتماعيًا، قد تُعتبر العلاقات العاطفية بين الطلاب شكلًا من أشكال التفاعل الاجتماعي غير المعتاد، خاصة للطلاب في الجامعات الإسلامية أو الجامعات التي تؤكد على الأخلاق في التعامل بين الجنسين. فالمجتمع المسلم الملتزم بتعاليمه يعتبر أن ظاهرة العلاقات العاطفية بين الطلاب ليست شيئًا طبيعيًا، ويُعتقد أن هذا السلوك ينحرف عن المعايير الاجتماعية التي يؤمن بها ويتبناها المسلمون المتدينون. ولكن من جهة أخرى، هناك مجتمعات تعتبر العلاقات العاطفية بين الطلاب شيئًا طبيعيًا، خاصة في البيئات التي تدعم النمو العاطفي.

٥. المنظور الاقتصادي

من الناحية الاقتصادية، يمكن أن تزيد العلاقات العاطفية من نفقات الطلاب على أشياء مثل الخروج، وتناول الطعام معًا، وتقديم الهدايا. وإذا لم يتم إدارة هذه النفقات بحكمة، فقد تُثقل كاهل الطلاب ماليًا، خاصة إذا كانوا يعتمدون على المصروف الشخصي أو المنح الدراسية. كما قد يدفعهم الضغط لإبهار الشريك إلى إنفاق مبالغ تتجاوز إمكانياتهم، مما يؤثر على استقرارهم المالي.

الخاتمة

بشكل عام، فإن ظاهرة العلاقات العاطفية بين الطلاب لها تأثيرات معقدة ومتنوعة.

خلال مسيرتنا كطلاب، العلاقات العاطفية ليست مجرد مشاعر أو تواجد مع شريك، بل هي مرآة للقيم التي نتبناها، تحديات يجب أن نواجهها، ودروس ثمينة يمكن أن نستفيد منها. من المهم أن نمتلك وعيًا ذاتيًا عاليًا، نفهم الحدود، ونحافظ على التركيز على الهدف الأساسي – الحصول على تعليم عالي الجودة.

في الواقع، فإن للعلاقات العاطفية آثارًا سلبية أكبر من الإيجابية سواء من الناحية الدينية أو الجوانب الأخرى. لذلك، يجب على الطالب الحفاظ على نفسه من الدخول في علاقات حب تتعارض مع المعايير الدينية والاجتماعية، لكي ينال رضا الله ويركز على التعلم بنجاح، ويمتلك علمًا واسعًا ونافعًا. وعندما يعود إلى المجتمع، يمكن أن يكون ناجحًا ومحبوبًا من الجميع لالتزامه بالدين والأخلاق التي يتبناها المجتمع المسلم المتدين.

المراجع

١. سهارسو، س. (2017). علم النفس الاجتماعي: فهم العلاقة بين الأفراد. جاكرتا: كينتشانا

٢ . أغستين، ر. (2018). الحب والأخلاق: منظور فلسفي للعلاقات الرومانسية. يوجياكارتا: بوسكا بيلجار

ساري، د. (2019). تصورات الطلاب حول العلاقات العاطفية: دراسة حالة في جامعة  ,باندونغ: ألفابيتا  XYZ .٣

٤. مرتيني، س. (2020). الإسلام والعلاقة بين الرجل والمرأة. جاكرتا: راجا جرافيندو بيرسادا

٥. ويدياستي، ر. (2016). العلاقات الشخصية وتأثيرها على الصحة النفسية للطلاب. سورابايا: أونير بريس

٦. برابوو، ت. (2021). الأخلاق في العلاقات الشبابية: بين الحب والمسؤولية. مالانج: يو إم إم بريس

٧. نورحياتي، إ. (2015). علم الاجتماع الشبابي: ديناميات التغيير الاجتماعي والعلاقات العاطفية. جاكرتا: غراميديا

٨. جونايدي، م. (2022). حياة الطلاب: بين الأكاديميات والرومانسية. يوجياكارتا: إل كاي إس

٩. ستيون، أ. (2018). تأثير العلاقات العاطفية على التحصيل الدراسي للطلاب. جاكرتا: سينار جرافيكا

١. حليم، أ. (2019). الحب والعلاقات الاجتماعية: منظور علم النفس والاجتماع. باندونغ: روماجا روزداكاريا.

Tinggalkan Balasan

Alamat email Anda tidak akan dipublikasikan. Ruas yang wajib ditandai *